الخميس، 24 سبتمبر 2009


المرأة والتراث الغنائي الأمازيغي
فؤاد ازروال



رسمت جل الدراسات التي تناولت واقع المرأة في المجتمعات الأمازيغية التقليدية صورة قاتمة ومأساوية لوضعيتها الاجتماعية ، وضعية تتأسس ـ حسب بورديوـ على آلة رمزية ضخمة تنزع نحو تأييد الهيمنة الذكورية ، التي تعتمد على " التقسيم الجنسي للعمل ، للرجال الفلاحة و الحصاد و الحرب ، وللنساء قطف الزيتون وجمع الحطب ، بناء المجال عمومي للرجال وخصوصي للنساء"[1]
ويؤكد دافيد مونتغمري هارت هذا الواقع ويتوسع فيه أكثر ، فيرى بأن المرأة الأمازيغية تعتني بالأطفال والأسرة وتهيء الطعام ، وتقوم بكل أشغال البيت الشاقة وتشتغل أيضا بالحقل و تساعد الرجل في الحصاد صيفا ، ورغم ذلك فإنها لا تتمتع بحرية التحرك وزيارة الأهل أو استقبالهم وحق الحصول على شيء أو التسوق أو السفر أو العمل[2].
و أكثر، من ذلك ، رأى البعض في المرأة الأمازيغية "امرأة وأتانا /حمارا"، أو " سلعة للتبادل و المتاجرة " ، أو " جارية للذة" ، أو " دابة وخسارة "[3] ...،وقد رسخ هذه الأوصاف المرة والسوداء جل المؤرخين للحقب السابقة من تاريخ المغرب ، وجل الإثنوغرافيين الذين عالجوا موضوع المرأة الأمازيغية في نظام السيبة .

إلا أنه في المجال الفني ، لاسيما الغناء و نظم الشعر ، يجمع أغلب الباحثين أن المرأة الأمازيغية تعد خزانا ضخما للتراث ، و ناقلا حيويا لمفرداته وإنتاجاته عبر الأجيال ، و إليها يرجع الفضل في استمرار هذين الجنسين الفنيين حيين و فاعلين . وفي مجال الإبداع ، اعتبروا أن أغانيها بما تحمله من ألحان وأشعار أكثر صدقا في التعبير عن الأحاسيس و أعمق غورا في البوح الداخلي ، لأنها لا تبدع لتحيى أو تكسب ، بل لأجل أن تترجم أحلامها و أمالها و انكساراتها و ألامها [4].
ويرى برناي أن المرأة العادية بالمجتمع الريفي التقليدي تفوقت حتى على المغني المحترف "أمدياز"[5] ، بل و تمده في كثير من الأحيان بالكلمات والألحان . فالمرأة تبدع أعمالا رائعة تعكس بصورة واضحة الروح الريفية، وتتوجه بها ـ أساساـ إلى جاراتها وصديقاتها دون الجمهور الواسع، إلا أنه بعد ذلك تردده السامعات في المحافل و الأعراس فتصبح مشهورة[6] ، ثم يتلقفها المغنون المحترفون ليذيعوها بين الناس و القبائل في الأفراح و المناسبات.

ومن الطقوس التي كانت معروفة بالريف مثلا ، في تنافس الفتيات من أجل تجويد إبداعهن و إتقانه ، هو ما كان يجري بينهن من حسد شديد أثناء حفلات الأعراس و الختان ،" فعندما تحسد فتيات سلالة ما زميلاتهن من سلالة أخرى ، ويرغبن في التفوق عليهن في مجال الغناء و الرقص ، تقوم امرأة مسنة من هذه السلالة بملء فمها بالملح و زيت الزيتون ، وتبصق الخليط على النار التي تشتعل في وسط الفناء و التي تستعملها الفتيات لتسخين دفوفهن ، هكذا ينشب الخلاف بين الغريمات "[7] ، فيجتهدن في اختيار الأشعار و أداء الألحان ، حتى تقر الحاضرات من الجمهور بالفائزات ، فتغادر الخاسرات الحفل متحسرات يملؤهن شعور قوي بالخيبة والخزي .
ومن غريب ما يتضمنه هذا الطقس الفني الغنائي تلك الإشارة السحرية التي تتجلى في حركة بصق المرأة المسنة بالملح والزيت على النار في علاقة مع المنافسة السلالية ، والتي يمكن تفسيرها على مستويين :
1 - استعارة لأحد التفسيرات الأنتروبولوجية لعلاقة المرأة بالسحر ، يمكن أن نقول بأن المرأة وقد وجدت نفسها لا تشارك في الحياة العامة للمجتمع ، تعود إليها تحت غطاء المنافسة الشعرية باعتبارها نوعا من الدفاع عن العشيرة أو القبيلة [8] .
2 – هده الممارسة تعود إلى مرحلة عميقة من تاريخ الأمازيغ ، تلك المرحلة التي كانت فيها الكهانة والممارسات السحرية وثيقة الصلة بالقول الشعري والأداء الإنشادي ، أي ذلك الوقت الذي كانت فيه الكهانة و الشعر وظيفتين متداخلتين من الناحية الاجتماعية[9].
و قريبا من هذا النوع من المنافسة، ما كان يمارس في الجنوب و الأطلس تحت أسم تماواشت ، وهو فن " يعتبر مجالا للندية بين الجنسين ، ويقتضي أن يتسلح كل جانب بأجود ما لديه ، كما أن أغلب أشعاره تدور حول الألغاز والهجاء و التحدي "[10] ، و عرف العديد من الأسماء النسائية التي لا زالت الذاكرة الشعبية تتذكرها ، و تتغنى بكلماتها و أنغامها التي قارعت بها أكبر الشعراء والمبدعين[11].

ومن تجليات تفوق المرأة في مجال الغناء في الحفلات و الأعراس ، أن كل أسرة بالريف كانت تعتمد على إحدى نسائها في الدفاع عن الأسرة و أفرادها في المناسبات الجماعية التي يحضرها أهل القبيلة و الضيوف من القبائل الأخرى ، و إن تأكدوا أن أسرتهم خلو ممن يمكن أن يقوم بهذه المهمة بنجاح و على أحسن وجه، توسلوا إلى إحدى جاراتهم أو إحدى قريباتهم في ذلك .
ومن أهم المظاهر الدالة ، أيضا ، في الإبداع الغنائي الأمازيغي لدى المرأة ، إصرار العديد من الفنانات المبدعات على إخفاء هويتهن الحقيقية ، كما تروي واقعة الباحث روني أولوغ مع الفنانة مريريدا نايت اعتيق التي بعد أن أملت عليه أشعارها اختفت و لم يظهر لها أثر، وكذلك واقعة الفنانة فريدة الحسيمية التي لا يعرف أحد من هي في الواقع [12] ، رغم أن أغانيها قد صارت على كل لسان و صارت تردد من لدن الصغار و الكبار معا. ويفسر بعض الباحثين هذا المظهر بكونه نكرانا للذات الفردية مساهمة و هبة للذات الجماعية [13]، بينما يرى الآخرون أنها نتاج هيمنة الذهنية الذكورية التقليدية و رسوخ قوة التقاليد الاجتماعية التي تحرم على المرأة الغناء للجمهور العريض الواسع .

ولا بد هنا أن نستحضر الإنتاجات الفنية التي ساهمت بها المرأة الأمازيغية في التنشئة الثقافية و الاجتماعية للأطفال ووظفتها لأجل التربية ، و التي يسميها البعض بشعر الأمومة ، ففي القبائل بالجزائر مثلا هناك شعر الهدهدة ( أزوزنب) الذي هو عبارة عن " تهويدات تنشدها الأمهات بألحان مميزة للصبيان ، غايتهن في ذلك إتعاب الطفل قصد تيسير نومه "[14] وإن كانت موضوعاتها " تنقل أحيانا معاناة الأم و حرقتها الدفينة في كثير من الشجون و الأحزان"[15] , وشعر المداعبة ( اسرقص) وهو الذي تسلي به الأم طفلها بأغنية "تبدو خفيفة بإنشادها و تفتق الفرحة في نفسية الأمهات ، وتمتن أواصر الحنان بين الصبي و آمه "[16].
ويماثل غناء ( ازوزنب) عندنا ما يصطلح عليه ببعض مناطق المغرب ( أسهروري) و ( هلارارو)[17]، و التي هي أيضا ، وإن كان تؤدى بـ" بالصوت المستقيم ، الذي يمضي على وتيرة إيقاعية واحدة"[18] ، فهي تعبر عن ألام غائرة في نفس الأم ( بكاء الأهل ، حرقة فراق أخ مغترب ، التألم من أجل زوج أو قريب مريض ,,,) تختتم غالبا ، بنحيب شجي هادئ عندما يتحقق استسلام الطفل للنوم .

إن الأشكال و الأنواع الغنائية التقليدية التي ساهمت المرأة الأمازيغية في إثرائها و تطويرها كثيرة ومتعددة ، و تتميز بالتنوع الشديد بحسب المناطق و بحسب الأعمار و الوظائف ، وهي في كل ذلك كانت تساهم في إنشاء الخصوصيات الثقافية و الحضارية الأمازيغية ، وفي التطور المجتمعي معرفيا وتنظيميا ، وكانت ـ باعتبار الغناء الأمازيغي فنا شفاهيا شعبيا ، تعبر عن الشوق الجماعي إلى الفرح و الانفعال و التخيل و تواصل المشاعرمن جهة ، ومن جهة ثانية كانت تؤدي وظائف سامية في التربية و الحفاظ على النظام و استقراره واستمراره .










المراجـــــــــع


- إبراهيم أوبلا ، " المرأة الأمازيغية و الندية ( الأطلس الصغير نموذجا)" ، كتاب جماعي "المرأة و الحفاظ على التراث الأمازيغي" ،منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، أعمال الندوة الوطنية 26و27 يوليوز 2005 ، مطبعة المعارف الجديدة ، الرباط ، ط1 ، 2008.

- إدمون دوطي: السحر و الدين في شمال إفريقيا ، ترجمة فريد الزاهي ، منشورات مرسم ، مطبعة بورقراق ، الرباط.

- دافيد مونغجمري هارت. الفانون العرفي الريفي ،ترجمة محمد الولي ، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، مطبعة المعارف الجديدة ، الرباط ، ط 1 .

- دافيد مونتغمري هارت ، أيت ورياغل : قبيلة من الريف المغربي ، دراسة إثنوغرافية وتاريخية ، الجزء ا1 ـ ترجمة محمد أونيا و عبد المجيد عزوزي ، و عبد الحميد الرايس ، مطبعة أقواس للنشر ، هولنده ، ط1 ، 2007

- حساين المامون ،. " نحو سوسولوجيا الكشف عن الهيمنة" ، مجلة علامات ، المغرب ، السنة 10 ، العدد 101 ، أبريل 2009

- الحسين ايت باحسين ، " دور المرأة الأمازيغية في الحفاظ على البعد الأمازيغي للهوية المغربية من خلال إبداعاتها" ، كتاب جماعي "المرأة و الحفاظ على التراث الأمازيغي" ،منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، أعمال الندوة الوطنية 26و27 يوليوز 2005 مطبعة المعارف الجديدة ، الرباط ، ط1 ، 2008

- محمد الدجلاوي ،"الشعر القبائلي التفليدي ( أجناس و أشكال و موضوعات) ، مداخلة في الندوة الدولية : الأجناس الشعرية الأمازيغية التقليدية ، تنظيم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ،03 سبتمبر 01 أكتوبر 2005 ، الرباط,

- صالح سعد ، الأنا ـ الآخر ، ازدواجية الفن التمثيلي ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، عدد 274 , أكتوير 2001

- Biarnay, « Notes sur les populaires du RIF » , Les Archivés Berbères ,Publication du Comite d études Berbères de rabat, V 1 , Année 1915- 1916 , Edition Frontispice , 2005






[1] - المامون ، حساين . " نحو سوسولوجيا الكشف عن الهيمنة" ، مجلة علامات ، المغرب ، السنة 10 ، العدد 101 ، أبريل 2009 ، ص 22
[2] ـ هارت ، دافيد مونغجمري . الفانون العرفي الريفي ،ترجمة محمد الولي ، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، مطبعة المعارف الجديدة ، الرباط ،
ط 1 ،ص 27 و 28,
و يستثني هارت في بعض هذه الأمور و القضايا المأساوية المرتبطة بالواقع الاجتماعي للمرأة الأمازيغية ، وضعية المرأة بقبائل الأطلس و بعض قبائل الريف ( بقيوة مثلا) ، حيث يرى أن وضعية المرأة أحسن حالا و تتمتع ببعض الحقوق الأساسية .
[3] - انظر مقال الأستاذ : الحسين ايت باحسين ، " دور المرأة الأمازيغية في الحفاظ على البعد الأمازيغي للهوية المغربية من خلال إبداعاتها" ، كتاب جماعي "المرأة و الحفاظ على التراث الأمازيغي" ،منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، أعمال الندوة الوطنية 26و27 يوليوز 2005 ، مطبعة المعارف الجديدة ، الرباط ، ط1 ، 2008 ، ص 10 - 13
[4] - Biarnay, « notes sur les puplaires du RIF » , Les Archivés Berbères ,Publication du Comite d études Berbères de rabat, V 1 , Année 1915- 1916 , Edition Frontispice , 2005 , P 32
[5] - يرى هارت أن " الإمذيازن" هم " موسيقيون محترفون ، ويشتغلون في إطار التعاقد ، كالفقيه و الخماس " ، وأنهم بقومون بكراء خدماتهم من غناء و رقص إلى كل راغب ووفق طلباته . انظر
هارت ، مونتغمري هارت ، أيت ورياغل : قبيلة من الريف المغربي ، دراسة إثنوغرافية وتاريخية ، الجزء ا1 ـ ترجمة محمد أونيا و عبد المجيد عزوزي ، و عبد الحميد الرايس ، مطبعة أقواس للنشر ، هولنده ، ط1 ، 2007 ، ص 251
[6]-Biarnay, idim , P 32
[7] - هارت ، أيت ورياغل ، مرجع سابق ،ص 223,
[8] ­ - دوطي ، إدمون : السحر و الدين في شمال إفريقيا ، ترجمة فريد الزاهي ، منشورات مرسم ، مطبعة بورقراق ، الرباط ، ص 30 ,
" ذلك أن المرأة لا تشارك عموما في الشعائر الدينية، ومن ثم تجد نفسها وقد أقصاها الدين من المعاملات المقدسة أو المحرمة ، فتعود إليها تحت غطاء السحر الذي يغدو لديها ضربا من الديانة ذا المستوى الأدنى "
[9] - نفسه ، ص 27
[10] - إبراهيم أوبلا ، " المرأة الأمازيغية و الندية ( الأطلس الصغير نموذجا)" ، كتاب جماعي "المرأة و الحفاظ على التراث الأمازيغي" ،منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، أعمال الندوة الوطنية 26و27 يوليوز 2005 ، مطبعة المعارف الجديدة ، الرباط ، ط1 ، 2008 ،ص 83 ,
[11] ـ نفسه ، ص 83
ويورد الباحث أسم الفنانة " زينة سالم " كأحد الأسماء التي تحتفظ الذاكرة الجماعية بإقليم طاطا باسمها في هذا المضمار .
[12] - الحسين ايت باحسين ، مرجع سابق ،ص 20 .
[13] - نفسه ، ص 20
[14] - محمد الدجلاوي ،"الشعر القبائلي التقليدي ( أجناس و أشكال و موضوعات) ، مداخلة في الندوة الدولية : الأجناس الشعرية الأمازيغية التقليدية ، تنظيم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ،03 سبتمبر 01 أكتوبر 2005 ، الرباط
[15] - نفسه
[16] - نفسه
[17] - تحمل اللفظتان ( أسهروري) و ( هلارارو) معنى البكاء و الحزن الشديد (أهروري) و ( رو)
[18] - صالح سعد ، الأنا ـ الآخر ، ازدواجية الفن التمثيلي ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، عدد 274 , أكتوير 2001 ، ص 155 ,

الأربعاء، 23 سبتمبر 2009



من الشعر الأمازيغي المعاصر بالمغرب



قصيدتان للشاعر أحمد الزياني[1]
الترجمة : د . فؤاد ازروال



خطوات على الضباب


خطوات على الضباب
تمشي ولا تصل ،
تمشي ولا أين.
ضاعت الوجهة،
وأنا بين االماضي
يناديني أن أعود،
وبين الآتي
يصرخ بي أن أسير.

تلفتت يمينا ويسارا
وهنا وهناك،
نظرت إلى الماء يتدفق
من ينابيع الظمأ،
تأملت جمال الوجوه
يذوب في النظرات ،
أبصرت الاخضرار
يسقط من الأيادي
ويذوي بالعرق.

أبحرت بلا شراع ولا قلوع،
فأينك أيها الساحل ؟
إني أرسل خطواتي
سابحة فوق الأمواج،
والشوق بداخلي
يتأرجح بين الهنا و الهناك.


حصدت الحنين
من أجنحة الريح،
وحصدت السنين
بالأيام والليالي،
وما فزت إلا بالخيبات
كعادتي في كل حصاد.



أنسى لأموت


في كل صباح ، وجهي في المرآة
كأني أول مرة
أراه،
أتأمل شعري المنفوش
فيذكرني بيوم الرحيل،
وكيف أني إلى اليوم لا أدري كيف رحلت،
ولا إلى أين سرت : الأمام أم الوراء؟

أرى المرايا ، يمتد بعضها في بعض،
و أراها جميعا تعكس وجه الذكرى
في نفس كل من يحملها :

هل حقا كانت النجوم قريبة مني ،
و كان البدر منحنيا إلي،
وكانت العصافير تصدح ،
وكان الديك يصيح،
وكانت الفراشة تراقص الزهور،
وكان العمر يهمس لي :
"اجعل هنا نهايتك" ؟
وأنسى لكي أموت .

وها أنا الآن هنا ،
أمنح للعمر ما حرمني إياه،
لا أهتم للرياح تزمجر
لأني أحس بكل اتجاه تأتي منه

،
لا اهتم للفراق
لأن كل وجه يجد في الآخر
شبيه ملامحه.

وها أنا الآن هنا أقف على باب الأمنيات،
بعضها للماضي بما أخذ ورحل
و بعضها للآتي بما يحمل و يخفى.




[1] - الشاعر أحمد الزياني ، شاعر مغربي يبدع باللغة الأمازيغية ، وهو من الشعراء المقيمين بالمهجر ، وينتمي إلى جيل الشعراء الشباب الذين سعوا إلى تطوير التجربة الشعرية الأمازيغية وتجديدها ، ونشر عدة دواوين بالمغرب وأوروبا و ترجمت بعض أشعاره إلى عدة لغات منها الفرنسية والإسبانية والهولندية و البرتغالية والصينية والسورينامية ..... والقصيدتان المترجمتان هنا ، مأخوذتان من ديوانه الأخير " وجوه تبحث عن ملامحها في الماء"

.

فرجات العرس بمنطقة الريف
فؤاد ازروال

مقدمـــــة
إن التحديد الجغرافي لمنطقة "الريف" باعتبارها جهة أو جزءا من الخريطة الوطنية يعد أمرا في غاية الصعوبة والتعقيد، لأن جل التحديدات أوالتقييدات ـ القديمة والمعاصرة على السواء ـ التي حاولت رسم حدود هذه المنطقة وتعيينها لم تتفق أبدا على رأي واحد. كما أنها ظلت عرضة لاختراقات مكثفة لـ "تصورات ومكونات تنتمي إلى حقول معرفية متباعدة ومتعددة: ألسنية، معجمية، جغرافية، إدارية، تاريخية...ولأن مكونات فضائه الثقافي والاجتماعي تمتد وتتداخل وتتكامل مع مكونات الفضاءات الأخرى المجاورة له جنوبا( الأطلس المتوسط) وشرقا (هضبة ملوية) وغربا ( جبال جبالة)، ولأنها كذلك، تندرج أو تدخل في إطار نسق عام لا يمكن أن تنفصل عنه هو" الثقافة الأمازيغية" بمفهومها العام" [1].
ورغم ذلك فإن بعض المحولات المتأخرة في هذا الإطار سعت إلى التدقيق انطلاقا من معطيات سوسيوثقافية ظاهرة مهيمنة ومشتركة أو استنادا إلى تحديدات إدارية رسمية. فهكذا يوضح ذ . حسين القمري أن (الريف) "يطلق على هذا الجزء من المغرب الممتد على طول الواجهة المتوسطية الواقعية بين نهر ملوية ومضيق جبل طارق بين قبائل غمارة جهة الغرب، وهضاب نهر ملوية جهة الشرق وعلى طول البحر الأبيض المتوسط شمالا إلى عتبة تازة وسهل مسون جنوبا.
ويشمل قبائل قلعية ذات الأصل الزناتي، وقبائل بطيوة ذات الأصل الصنهاجي، وقد يتوسع في إطلاق الريف على سلسلة جبال الريف فيشمل قبائل غمارة وجبالة( الريف الغربي).
وبعد التقسيم الإداري غداة الاستقلال أصبح الريف يطلق على إقليمي الحسيمة والناظور وأجزاء من إقليمي تازة ووجدة"[2]، أي كل المناطق التي تشكل ساكنتهـا"المجموعة الناطقة بلهجة تاريفيت في مناطق جبلية، والتي تبتدئ في شمال وجنوب ممر تازا: ومن بين قبائلها في الشمال نجد قبائل الريف بالمعنى الضيق للكلمة، وهي: بوقويا، وبني ورياغل، وتمسامان، وآيت توزين، وآيت أوليشك، وآيت سعيد، وكَلعيا، وكبدانا، وبني يزناسن، وآيت عمرت، وكزنايا، ومطالسا، وآيت بويحيا، وآيت بوزكو ،أما في الجنوب فتوجد قبائل بني وراين، كما توجد في الغرب بجانب جبال جبالا المعربة قبائل صنهاجة سراير"[3].
ويتمز(الريف) ـ كما حدده ذ حسين القمري ـ عن سائر المناطق الأخرى بالمغرب بمجموعة من الخاصيات والمعطيات التي نوجز أهمها في المظاهر التالية:
"1) وعورة المسالك وندرة الموارد الطبيعية والاقتصادية، وانعدام المواصلات، مما جعل العامل الجغرافي يطغى بشكل بارز في المظاهر الثقافية على" حساب العوامل الأخرى الضاربة في القدم أو المعطيات الغائبة لانعدام التدوين"[4].
2) الانشغال التاريخي الدائم لسكان المنطقة بالمقاومة ورد الحملات الغازية، قبل الفتح الإسلامي وبعده، مما حال دون كثير اهتمامهم وحرصهم على توثيق تراثهم وتدوين فنونهم وآدابهم و دون تشجيع الرحالة والباحثين على المغامرة في التوغل بالمنطقة.
3) ندرة المراكز الحضارية التاريخية التي كان بإمكانها أن تعلب دورا هاما في الإشعاع الثقافي والفكري بالمنطقة. إذ تؤكد أغلب الدراسات التاريخية أنه لم تكن هناك من المراكز المشهورة سوى مدينة "روسادير"/"مليلية "التي كانت مجرد مرفأ تجاري ليس إلا[5]. وبعد الفتح الإسلامي كانت المراكز التي تظهر كغيساسة والنكور وأمجاو تتعرض باستمرار للتدمير والتخريب[6].
4) ظل المجتمع الريفي، من الناحية الاجتماعية والاقتصادية" بدائيا جدا، صحيح أننا نجده متكونا من مزارعين مرتبطين بالأرض، فمنهم الفلاحون المتعاطون لزراعة الحبوب والخضروات كانت تتم بأدوات بدائية، أساسها المحراث الخشبي العتيق، والفأس، والرحى اليدوية، والطاحونة والمغزل والخزانة الخشبية"[7]،مما غلب استقرار النماذج الفنية والثقافية التقليدية ورسوخها"[8].
5) ندرة الكتابات والدراسات التي اهتمت بجمع وتدوين التراث الفني و الأدبي بالمنطقة والتي عنيت بتسجيل مظاهره التي تشكلت عبرالمثاقفة وتطورت عبر العصور وعبر المحطات التاريخية الرئيسة التي تفاعلت فيها المنطقة مع الحضارات الإنسانية الوافدة ومع الأحداث والتغيرات المحلية والوطنية الكبرى."إنما أغلب ما وصل إلينا من وصف لهذه الثقافة ومكوناتها يعود إلى مرحلة متأخرة من القرن العشرين، ولا تتعدى حدود توغلها في التقصي أواخر القرن التاسع عشر"[9].
6) بدأت عملية تدوين وتوثيق التراث الفني والأدبي الأمازيغي بالريف على يد مجموعة من الأساتذة الجامعيين الذين عادوا من فرنسا أواخر السبعينيات والذين قاموا بتأطير العديد من الأبحاث الأكاديمية وتوجيهها نحو الاهتمام بهذا التراث ،والذين قاموا أيضا ، بتأسيس جمعيات نشيطة في المجال الأمازيغي بإقليمي الناظور والحسيمة، [10].
وكان لهذا الجيل من الأساتذة وطلبتهم الفضل الكبير في إنقاذ ما تبقى عالقا في الذاكرة الجماعية بالريف التي أنهكتها الأحداث المتسارعة والعنيفة وأثرت علي قدراتها في الحفاظ على مكنوناتها ومخزونها. كما كان لهم الفضل أيضا، في نشر وعي خاص لدى العامة بشأن ثقافتهم المحلية بفنونها وآدابها المختلفة.
7) " واستمرت الممارسة الفنية لهذه الأنماط التقليدية سارية طيلة القرون، تؤدي وظائفها وتطور عناصرها إلى أواسط القرن الفارط حيث بدأت تخسف وتنقرض رويدا رويدا حتى أواسط السبعينيات، إذ ستختفي كل الاحتفالات والممارسات الشعائرية العتيقة، وتتقلص دائرة الرقص والغناء العتيق وينزويان بعيدا في بعض المناطق النائية جدا، وتنمحي أو تتغير معالم مباهج الأعراس والختان والمواكب الدينية والعلمية، ويعزو الباحثون أسباب هذه التحولات إلى حدثين هامين طبعا الحياة العامة بالريف خلال القرن العشرين.
أ-رغبة محمد بن عبد الكريم الخطابي، إبان ثورة الريف، في بناء مجتمع حداثي قاده إلى إبطال كل ملامح القانون العرفي في الريف[11]، وإلى إصدار مراسيم وقرارات تمنع الممارسات الاجتماعية العتيقة كالغناء والرقص[12] والتجمعات الصوفية كرقصة)إبارودن) مثلا- التي لم يعد الناس يقيمونها " بأمر من عبد الكريم خلال حرب الريف وذلك بغاية توفير الرصاص، وبعد ذلك كان هذا الاحتفال متقطعا بفعل منع الحماية من حمل السلاح الناري بالريف"[13] .
ب-أثر الهجرة المتواترة لأهل الريف إلى أوروبا طلبا للعمل انعكس إيجابيا على المستوى الاقتصادي على المجتمع الريفي وسلبيا على ثقافته وهويته. فمع التحسن في المستوى المعيشي للسكان خلال العقد الستيني، ستبدأ البنيات الاجتماعية القائمة على أساس العائلة الكبيرة والتضامن والتكافل والحس القبلي تتفكك وتتحلل، وتبدأ بذلك البنية الثقافية التقليدية بدورها في الاضمحلال والتراجع أمام ثقافة جديدة قائمة على قيم هجينة تبخس كل القيم التقليدية وتحتقرها بل وتعاديها وتحاربها."[14]
ج – بعد الاستقلال سيسود خطاب أيديولوجي متشدد "ينظر إلى ماضي وحاضر ومستقبل المغرب من خلال تصور إسلامي عربي، ولا يمكن لأي صوت آخر مخالف أن يواجهه"[15]، ويضيق المجال على كل اهتمام بالثقافة الأمازيغية والمحلية عن طريق توجيه اتهامات مغرضة بشأنه تتمحور حول اعتبار هذه الثقافة من مظاهر التخلف و الانحطاط التي يجب القطيعة معها ومن مظاهر الفتنة والتفرقة ، لاسيما بالريف التي كانت تعرف أحداثا وقلاقل متتابعة.
وستتضافر هذه العوامل كلها من أجل الإسراع باندثار التراث الفني والفرجوي بالمنطقة، إذ ستختفي ـ بشكل نهائي ـ مع بدايات الثمانينات الفرجات الموكبية والتنكرية الكبرى كـ(مهرجان باشيخ) و(بهلوانيات أقلوز) و( عروض الإمذيازن)، وستنحصر الطقوس التوسلية التعبدية في المناطق النائية للجبال وتختفي من الحواضر والقرى كطقسي ( أغنجا) و(الناير).وبعد ذلك ستندثر الاحتفالات الصوفية والدينية المشهورة كاحتفالات عيد المولد النبوي التي كانت تشهدها بعض الزوايا و المواقع الشهيرة كسوق الجمعة بالناضور...كما ستعرف المباهج الاجتماعية العامة ـ لاسيما احتفال العرس ـ تغيرا ملحوظا في شكلها من حيث امتدادها الزمني والمكاني ومن حيث مضمونها بما يقدم فيها من مشاهد وعروض، وستتوجه نحو اتخاذ قوالب ومعاني جديدة تستجيب لاشتراطات التحولات الاجتماعية والسوسيوثقافية التي تعرفها المنطقة.
وقد أثرت هذه العوامل أيضا، وبشكل سريع وسلبي، حتى على الذاكرة الجماعية التي لم تستطع أن تحفظ لنا الكثير عن التراث الفني والأدبي بالمنطقة، بل و أهملت حتى بعض الأعمال الأدبية الراقية والمشهورة كملحمة (ادهار أو بران) التي تتميز بكونها" يعلم بوجودها كل أهالي الريف الذين اكتووا، وما يزالون، بسعير الحرب الطغيانية التي شنتها إسبانيا (عليهم)"[16] لكن دون كثير الاكتراث بتدوين وتوثيق نصها وتسجيله. فلم يبق للباحث أو الدارس المهتم ـ إزاء هذا الوضع ـ إلا أن يحاول استنطاق بعض الإشارات والمعطيات المتفرقة وتجميعها وتمحيصها لأجل الوصول إلى استنتاجات وتصورات عامة حول الحياة الثقافية بالريف وخصوصياتها وفروعها.

2-الفرجات الأمازيغية العريقة بالريف :
تعرف سكان الريف ـ كسائر سكان البلاد ـ على أشكال فرجوية متنوعة، شاهدوها ومارسوها، تعلقوا بها وعرفوا قيمتها ودورها البالغين في تمتين العلاقات الاجتماعية بين الأفراد و في تقوية علاقات التضامن والتواصل بين القبائل، واكتشفوا فيها مصادر ومواضيع لإشباع حاجاتهم الروحية و الثقافية...ومارسوا شعائر تعبدية وطقوس احتفالية من خلال المهرجانات الموسمية و المناسبات الاجتماعية التي كانت تجمع بين الخاصيات التعبدية الروحية و الخاصيات البلاغية الفنية [17].
وأغلب هذه الأشكال الفرجوية التقليدية بالريف كانت تقوم أساسا على توظيف تقنيات التشخيص والتمثيل التي تميز فنون الأداء المعروفة، و على استخدام مختلف اللغات المسموعة والمرئية المتاحة عن طريق الاستعمال المكثف و المتنوع للإكسسوارات والملابس والأقنعة و الأفضية المكانية ذات الدلالات الرمزية كالكهوف و البيادر والزوايا...وكانت المشاركة الجماعية هي الطاقة المحركة التي تعتمدها للاستمرار في حيويتها وفعاليتها.
ومن أهم هذه الفرجات العتيقة:
أ) حفل " باشيخ" الذي كان يقام طيلة يوم عيد الأضحى، وهو حفل "تنكري" يجتمع فيه التمثيل بالرقص والغناء بالهزل و إقامة الولائم[18]. وقديما، كان يقام هذا الحفل "ثلاث مرات بالسنة: عند حلول السنة الهجرية الجديدة وفي العيد الكبير( عيد الأضحى) والعيد الصغير(عيد الفطر)"[19] ، وتتم فيه السخرية ـ وبطريقة مستهترة وعارية ـ من كل أشكال الشعائر والمؤسسات الاجتماعية والإدارية والدينية التي كانت ترتبط بالمجتمع القلبي بالريف كالزواج والقضاء والصلاة والحرف من خلال أداء عرض فرجوي مطول ينشطه خمسة أشخاص ، ويشارك فيه كل الأهالي على اختلاف أعمارهم و طبقاتهم وجنسهم ، حتى أن الناس الجديين أنفسهم كانوا لا يبالون بكل ما يتضمنه الحفل من مهازل جارحة ولا يغضبون عند معاينتهم للسخرية من ممارسة مبجلة كالصلاة المقدسة عندهم وعند جميع المسلمين.[20]
ب) استعراض المحاربين ويسمى بـ( إبروذيان)نسبة للبارود، و كان يتنافس فيه الفرسان باستعراض مهاراتهم في الرماية وإطلاق الرصاص. وكان هؤلاء الفرسان "الأرفع مكانة في القبيلة. وحينما يدعون إلى الحفلات يمثلون مشاهد الحرب. وعموما يتواجه الاثنان منهم مرتجلين حوارا، وهما يطلقان الرصاص ببندقيتهما.كان هولاء الإباروذين الطرف النقيض الريفي لممثلي المسرح."[21] إلا انه لم" يعد الناس يقيمون هذه الرقصة بأمر من عبد الكريم خلال حرب الريف وذلك بغاية توفير الرصاص. وبعد ذلك كان الاحتفال بها متقطعا بفعل منع الحماية من حمل السلاح الناري" [22] لتنقرض تماما فيما بعد.
ج) أغنجا، وهو ذلك الحفل التعبدي التوسلي المعروف الذي كان يقام كلما شحت السماء بالمطر، والذي يعرف بالمناطق الأخرى من البلاد بالاسم نفسه (تلغنجا)، والذي معناه بالأمازيغية الملعقة الخشبية. وكان يقام بنفس الشعائر تقريبا في كل القبائل الريفية والمغربية، حيث " تقوم النساء والفتيات والأطفال بالخصوص بإلباس (مغرف) كبير الحجم ومصنوع من الخشب لباس العروس، ويطوفون به من بيت إلى بيت محمولا إلى أعلى متوسلين الله سبحانه وتعالى (........)، وتستقبلهن ربات البيوت بالرش بالمياه وإعطائهم شيئا من الدقيق والسكر وغيرههما. وبعد ذلك يقع اللجوء على احد المساجد أو إلى ضريح أحد الأولياء حيث يصنع طعام خاص يقدم لكل المشاركين"[23] .
د) العنصرة، وتسمى بالمنطقة ( شرح مدجاح)، و يطلق عليها بالمناطق الأخرى أسماء من قبيل (تشعالت) و(الشغالة)، وتدخل ضمن احتفالات )مباهج النيران(، وتقام بعد موسم الحصاد، وتنظم فيها الألعاب والمآدب من قفز على النار المشتعلة وتسابق في الجري والمصارعة.
وكانت فقرة القفز على النار أهم المشاهد الفرجوية بهذا الحفل، بحيث يتسابق الشبان العزاب والفتيات العازيات في اختراق اللهيب المستعر للنار التي أوقدت في هشيم الحصاد وهم يرددون أهازيج تشيد بالعمل والجد والشجاعة. وتمتد هذه الفقرة من غروب الشمس إلى منتصف الليل، ليستمر السمر بالغناء والرقص وإنشاد الشعر. وفي آخر الليل " تذبح الذبائح وتولم الولائم"[24] .

و عموما كما كان الشأن في سائر أجزاء البلاد، كانت تقام بالريف احتفالات أخرى متنوعة في مضمونها وشكلها، ومتباينة في مناسباتها وغاياتها. فكانت تقام المهرجانات الدينية كالاحتفال بعيد المولد النبوي في الزوايا والأضرحة، و الاحتفالات الخاصة باختتام الطلبة لحفظ القرآن، والاحتفال بليلة القدر وعاشوراء... و كانت تقام أيضا "المباهج الاجتماعية" في مناسبات الختان والبلوغ والخطوبة والزواج...كما كانت تعرف أسواقها وساحاتها بالحواضر والبوادي عروض ( الحلقة) و( الإيمذيازن) و( بهلوانيات أولاد سيدي أحمد أو موسى) و(فرجات المشعوذين والحواة و السحرة).
إلا أن احتفال العرس (تامغرا) كان أكثر الاحتفالات امتدادا من حيث الزمان والمكان، وأكثرها اشتمالا على المظاهر الفرجوية المختلفة شكلا ومضمونا. فقد كانت (أي تامغرا) تشكل فرصة متميزة لإبراز المهارات لدى أبناء القبيلة ـ إناثا و ذكورا ـ في التمثيل والتشخيص، وفي الغناء والرقص، وفي قرض الشعر و إلقائه، وفي ابتداع أشكال جديدة من العروض والمشاهد وإعادة صياغة المعروف منها وفق ما يناسب الظروف الآنية المستجدة.


3 ـ فرجات العرس بالريف:
كانت أفراح العرس ( تامغرا) بالريف تبدأ مباشرة بعد انتهاء الموسم الزراعي في فصل الصيف[25]، و تدوم إلى غاية الفصل القادم الذي تبدأ فيه أشغال الحرث والزرع. وكان العرس الواحد يستغرق أسبوعين كاملين من المباهج والمسرات( وقد تمتد لشهر كامل في بعض الأحيان أوعند بعض القبائل) تتوزع بين بيت العريس وبيت العروس وبيوت أهليهما وساحات القبيلة التي ينتمي إليها العروسين، ويشارك فيها كل ساكنة القبيلة من نساء ورجال، وعجزة وأطفال، وأهل و أصدقاء وغرباء، ويحضرها من شاء من أهل القبائل المجاورة.
ويبدأ مهرجان العرس الريفي بطقوس الخطوبة التي تشتمل تقديم الهدايا للعروس ومعاينتها من قبل أهل العريس و الاتفاق على المهر و (الجهاز) . ويتلوه موكب ( الدفوع) الذي يخرج من دار العريس إلى دار العروس يتقدمه عجل أو ثور ويتوسطه صندوق من الحاجيات الخاصة بالعروس و يقفله جمع غفير من الشبان والنساء يسير وسط الزغاريد والأهازيج ودقات الدفوف. وبعد ذلك تأتي طقوس متعددة تقام بكل من دار العريس والعروس كــ ( الحناء) و ( وقراءة القرآن) و ( الغسل بالحمام العمومي) و( ركوب الفرس) و( ليلة العرس) و(أورذي)... وأخيرا يختتم بما يطلق عليه( بعد سبع أيام) الذي يزور فيها الوالدان ابنتهما في مقامها الجديد صباحا، وبعد أن يغادرا تقوم العروس إلى المطبخ لتبدأ في العمل ولتعلن عن انتهاء الحفل وانخراطها في الحياة الاجتماعية الجديدة.
فكان من اللازم لهذا المهرجان الطويل لكي يضمن حيويته واستمراره أن يتوسل طيلة مدته بالفنون المختلفة من رقص وغناء وفرجة، وأن يكون كل واحد منها منوعا ومختلفا ـ في كل مرة ـ بحسب المكان والزمان والحاضرين في مبناه و معناه. وكانت الفرجات التي تؤدى في هذا المهرجان من أكثر الفنون إثارة و قدرة على التأثير في المتلقين و على جذبهم إلى الاحتفال والانخراط فيه.
ولا يمكن لأي دارس، مهما حرص، أن يلم بجميع هذه الفرجات بتفاصيلها وعناصرها وطرائق إنتاجها وتداولها، ولا أن يعرف تاريخها وتطورها عبر العصور و ما اكتسبته من تأثيرات من خلال تفاعلها مع عناصر الثقافات الأخرى. وبالرغم من ذلك سنحاول الوقوف قليلا بالوصف عند بعض مظاهرها أو أنواعها التي تتوفر على مكونات التمثيل والأداء والتي تستميل المتلقين أكثر.

أ ـ أقلوز: وهي عبارة عن عرض تمثيلي هزلي يؤديه شاب بارع في فن التقليد، ويسانده في الأداء أصدقاؤه من القريبين منه. وقد تطول مدة العرض أو تقصر بحسب حماس الحاضرين والمؤدين وبحسب براعة التشخيص وإصابة المعاني المنشودة. ويقام العرض في حفل ليلة العرس التي تشكل ذروة المباهج والحضور في العرس الريفي.
" وتبدأ أطوار هذه التمثيلية بإحدى الغرف المنعزلة للبيت بعد أن يتأكد المؤدي ورفاقه أن الحضور قد اكتمل وأن كل الضيوف قد حضروا، فيتخفى في إزار يغطي جسده كله ويضع على ظهره دلوا أو "كرة" أو "قرعة ـ يقطينة" يغطيها بشكل تبدو وكأنها وجه إنسان، ويجتهد رفاقه في إتقان عملية التخفي و"التقنع" حتى لا يعرف وجهه "المصنوع"، ثم يخرج – بعد ذلك – إلى وسط الضيوف وهو منحيا بطريقة يمتزج فيها الغناء الهازل بالحركات البهلوانية والرقصات المضحكة بينما رفاقه يشجعونه ويحمسونه ويثيرونه ويتبادلون معه السباب والشتائم... وفي خضم كل ذلك يتوجه من حين لأخر إلى أحد الأشخاص – لاسيما الأعيان – ويكشف عن عيوبه ويفضح سلوكاته وينتقده بشدة مثيرا ضحك الآاضرين. ولا يزال على هذه الحالة حتى يفضح الجميع.
ومن أهم ما يميز هذه "التظاهرة" التنكرية: هو أن (أقلوز) يعمد خلال عملية انتقاده إلى ارتجال تمثيلية قصيرة يقلد من خلالها بمبالغة مثيرة الشخص المستهدف مجسدا طرائق تعامله وتصرفه وكلامه، وقد يرتجل خلال ذلك – أيضا – قصيدة هزلية واصفة لموضوعه. وعند الانتهاء يعود "الممثل" إلى الغرفة وينزع قناعه ويعود إلى "ساحة الضيافة" دون أن يكشفه أحد.
ومن أهم ما تتميز به هذه التظاهرة:
-رضا الجميع بنقد وسخرية (أقلوز) وتقبلها.
-يجب أن يتوفر في الشاب الممثل قدرا كافيا من المعرفة بكل ما يقع في القبيلة.
-تتوجه الانتقادات إلى كل شخصيات القبيلة من رجال ونساء وأعيان وفقراء."[26]

ب ـ سبحان الخالق : وتمثل فقرة الاختتام في ليلة العرس التي بعدها ينصرف الضيوف إلى بيوتهم والعريس إلى عروسه و الأهل إلى أشغالهم الأخيرة، وفيها" يقوم ثلة من الأصدقاء الأوفياء بإلباس العريس ثياب العرس التي تتكون غالبا من جلباب أبيض ناصع و "بلغة" بيضاء أيضا، ويسدلون "قب" الجلباب على وجهه حتى يختفي تماما، ثم يخرجون به من بيته يتأبطه من الجانبين (الوزيران)[27] ليجدوا في انتظارهم عند الباب جماعتين من الرجال تقف إحداهما متقدمة العريس، والثانية متخلفة عنه وبينهما فتاتان[28] تحملان أعلاما بيضاء وآنيات بها ماء الزهر يرشانه على الجميع.
وتتناوب الجماعتان على التقدم في المسير بدءا من باب غرفة( العرس)، تردد الأولى أهزوجة سبحان الخالق[29] ،وتعيده الثانية مقطعا مقطعا إلى أن يتم الوصول إلى الساحة التي اجتمع بها كل الضيوف. فيعمد (الوزيران) إلى إقعاد العريس ( مولاي السلطان) على أريكة عالية وسط مرح الجميع وزغاريد النساء وعزف الفنانين"[30].
وبعد ذلك يتقدم الأصدقاء والأهل والحاضرون، فردا فردا، للسلام على العريس وتقديم التهاني له حتى ينصرف الجميع فيقوم العريس متثاقلا ومتأثرا مرفوقا بوزيريه إلى غرفته الجديدة.

ج ـ ئزرمان( الظفائر): وهذا الطقس عبارة عن منافسة شبيهة بمباراة رياضية. ويبدأ بعد أن تصل العروس إلى بيت العريس وتتربع فوق (عرشها) جالسة في وقار وصمت وهي مغطاة الرأس و الوجه بـ( القبة) المصنوعة من أغصان شجرة العنب ومنديل أحمر مخطط بالأسود. فيرفع العريس (القبة) ليجد خصلات شعر عروسه مظفورة بطريقة دقيقة و معقدة. وهنا تتقدم إحدى قريبات العروسين لتشرع في فك هذه الظفائر من جهة اليسار و يشرع العريس في فكها من جهة اليمين. ويحاول كل منهما أن يسبق الآخر في إنهاء عمله. أما الحاضرون فينقسمون إلى فريقين، أحدهما يشجع العريس و ثانيهما يشجع منافسته، فإن فاز العريس صفق الجميع مبديا رضاه، وإن فازت منافسته انهال الجميع على العريس بالضرب والشتم و بمطارته في كل أرجاء البيت بالركل والضرب بالنعال حتى يخر ساقطا. كل هذا والعروس تتابع المشهد بكامله بعينيها فحسب، دون أن تتحرك أو تنبس بكلمة.
ويشترط في هذا الطقس أن تكون منافسة العريس في هذه المباراة شابة مقبلة على الزواج والحاضرون من الأهل والخاصة دون الغرباء. فإن فازت الشابة هنأها الجميع بعد الانتهاء من ( عقاب) العريس عن تخاذله و عبروا لها على أن إنجازها هذا فألا بقرب زواجها، وإن فشلت تمنوا لها التوفيق في المرة المقبلة لتتحقق أمنيتها في الزواج.

د ـ مولاي السلطان: من بين التمثيليات الهزلية التي يعرفها العرس الريفي تمثيلية ( مولاي السلطان) التي يحاول فيها شاب من شباب القرية أن يقلد العريس أو أن يأخذ مكانه. فيلبس لباس الفرح، ويجلس على كرسي العرش، ويتخذ من زميلين له وزيرين. و للدفع بالتمثيلية إلى حدها الأقصى يتعمد الشبان والحاضرون بمناداته بـ(مولاي السلطان) وإقامة بعض الطقوس الخاصة به، مما قد لا يرضي( مولاي السلطان) الحقيقي ويستفزه.
وإذا ما احتج العريس أو أبدى غضبه، شرع المنافس / الممثل إلى "المبالغة في تعداد عيوبه وتشويه سمعته وصورته ومحاولة سرقة بعض متاعه وتجريده من بعض إكسسوارات زينته"[31] ، ويشاركه في ذلك الحاضرون والمتفرجون . وقد يصل الأمر إلى " التلويح بكلام غير مباح في الأوقات العادية... فلا يستطيع العريس التخلص من هذا الإحراج إلا بالصبر والأناة وحسن التخلص والتسامح"[32].
وجرت العادة في اختيار " مولاي السلطان " المزور أو المنافس أن تتم وفق ممارسة مضبوطة و أعراف مقيدة تشكل بدورها عرضا فرجويا مستقلا بذاته، إذ يتقدم مجموعة من الشباب الراغبين في الحصول على الدور و (الصفة) بترشيحاتهم إلى أحد أبناء القبيلة الراشدين والمتزوجين، فينظم لهم "مزادا علنيا" ينتهي بفوز الشاب الذي يدفع الثمن الأعلى الذي يتسلمه ( أي الراشد) ليسلمه بدوره في آخر الحفل للعريس.

ﻫ _ أبراح: في آخر الليل يتقدم " شيخ" الفنانين / )إمذيازن( إلى وسط الساحة ويعلن عن بداية )التبراح)، ويعلن عن ذلك بصوت عال من خلال أهزوجة خاصة يفهم منها الجميع أن وقت الاستعداد للتبرعات قد حان[33]. فيبدأ بالتطواف على الحاضرين لجمع العطايا المالية والهدايا العينية، وكلما منحه أحدهم (شيئا) توقف ورفع صوته عاليا باسم "المانح" ونوعية "عطيته" وداعيا له بأدعية مناسبة لمكانته الاجتماعية وعمره، ثم يتوجه إلى وسط الساحة بطريقة استعراضية تمثيلية وسط زغاريد النساء وعزف (الزمار) و(الدفوف) ليضع العطية في مكان معلوم ، وغالبا ما يكون طبقا من الدوم به "قالب سكر" تحيط به بعض البيضات، ولا يزال "البراح" على هذه الحال حتى النهاية.
و في آخر (التبراح) يجمع (الوزيران) كل الهدايا والمنح ويحملانها إلى غرفة العريس، ثم يعودان ويقودان العريس إلى سطح المنزل ويتركانه هناك لوحده، وينزلان إلى الخارج قرب الباب حيث يصطف الحاضرون على جانبي طريقه منتظرين وصول العروس.
و- قدوم العروس: في اليوم الحاسم من مهرجان العرس، " بعد الظهر، يتوجه مئات من الرجال المسلحين ببنادقهم وقد شدوا أحزمتهم بقوة، كأنهم ذاهبون إلى معركة، صوب منزل الفتاة مشيا على الأقدام. وهناك يضعون بين يدي أب العروسة، المهر المتفق عليه، ثم يضعون هذه الأخيرة فوق بغلة مسرجة بشكل أنيق ويعطون إشارة الانطلاق بطلقات مشتركة من بنادقهم.
وتوضع الفتاة المحجبة وسط الموكب الصاخب الذي تعلن طلقات بنادقه المستمرة، من بعيد، عن قرب وصوله "[34] ، وقد تتقدمه فرقة من الإمذيازن الضاربين على الدفوف و العازفين على المزامير.بينما العريس يصعد إلى سطح بيته محفوفا بأصدقائه وأهله، ويأخذ غربالا ينظر من خلاله تقدم موكب عروسه حتى يصل إلى الباب، فينزل إلى العتبة ويكسر طبقا من الطين، ثم يتقدم نحو بغلة عروسه ليمر من تحت رأسها سبع مرات وسط زغاريد النساء وطلقات البنادق وهرج الأطفال الذي تسابقون حول قطع السكر أو حبات التمر أو الحلوى التي تلقي بها العروس في كل اتجاه. وبعد ذلك تسرع الفتيات من أهل العريس بإنزال العروس" من السرج ويرافقنها إلى منزلها الجديد ويمكثن معها داخل غرفتها على منتصف الليل. آنذاك، ينسحبن ويتركنها لوحدها"[35] في انتظار اللحظة المهيبة والحاسمة في حياتها.

خاتمــة : لا تمثل هذه المفردات الفرجوية إلا جزءا يسيرا من تظاهرة العرس الريفي . هذه المفردات الني لا يمكن حصرها ولا عدها و لا يمكن ضبط متغيراتها وتقييد تحولاتها لأنها تتخذ خصوصيات متحركة ومتغيرة بحسب المناطق والقبائل وبحسب الظروف والأعراف الخاصة بكل جماعة أو قبيلة.
وعموما ـ كما قال إيميل لاوست ـ تعد الحفلات التي تقام بمناسبة العرس وما تتضمنه من طقوس وعادات هي الأكثر جلبا للبهجة والمسرة للأمازيغيين، لأنها تأتي لتكسر رتابة حياتهم القاسية والشاقة، فيشارك فيها كل رجال و نساء الدوار أو القصر(إغرم)، وتكون مناسبة للأكل والشرب والغناء والرقص..[36] وفرصة للتخلص من أعباء سنة كاملة من المشقة في العمل والانضباط للأعراف والنظام العام.

فؤاد ازروال




















بعض مظاهر الفرجة ببلاد
[1] - فؤاد ازروال : الفنون العريقة بالريف ( دراسة ضمن مشروع مشترك بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية حول منطقة الريف)
[2] - القمري حسين: إشكاليات وتجليات ثقافية في الريف( كتاب مشترك) – مطبعة أمبريال – سلا- المغرب- ط1- 1994-ص 129.
[3] - الحسين وعزي: نشأة الحركة الثقافية الأمازيغية بالمغرب- مطبعة المعارف الجديدة- الرباط- ط1-2000-ص 159.
[4] - الحسين القمري: مرجع سابق، ص 129.
[5] -Fansisco Mir Berlanga /mµMelilla la desconida / Historia de una ciuadad Espanola-melilla –impermire Marfé
-1990-P.32.
[6] - يؤكد هذا الواقع التاريخي للمراكز الحضارية بالريف الرحالة الحسن الوزان في وصفه لحواضر ومدن الريف في مؤلفه" وصف إفريقيا" –
ترجمة محمد الأخضر، محمد حجي، الجزءI منشورات الجمعية المغربية للتأليف والنشر – الرباط- 1980-ص 266-270.
[7] - جرمان عياش: أصول حرب الريف: ترجمة محمد الأمين البراز، عبد العزيز التمساني خلوق- مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، المغرب، ط1
، 1992-ص 147.
[8] - فؤاد ازروال ، مرجع سابق.
[9] -- من أهم هذه الجمعيات " جمعية الانطلاقة الثقافية بالناضور " التي لعبت دورا كبيرا في نشر وعي جديد و ووجهت الاهتمام نحو الحفاظ على التراث الثقافي المحلي وتثمينه.
[10] - الحسين وعزي، مرجع سابق، ص 113.
[11] - دافيد مونتغومري هارت: القانون العرفي الريفي، ترجمة محمد الوالي، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، سلسلة الترجمة 3، 2004، ص: 16.
[12] - عبد الناصر أمحرف: شعر المقاومة بالمنطقة الريفية، بحث لنيل الإجازة( مرقون)، كلية الآداب والعلوم بوجدة، شعبة اللغة العربية وآدابها، سنة 1983 /1984، ص25.
أورد الباحث أن أحد شعراء قبائل قلعية، عندما منع عبد الكريم الخطابي، عليهم الغناء و الرقص نظم الأبيات التالية يرجوه فيها أن يعدل عن قراره هذا:
أيا رابي أتا هذيذ أناغ يوش اتاسريح
اناغ يوش اتاسريح خ للابويا راذ شضيح
A yarbbi adt hdid anv yuc ttcrip
Anv yuc ttcrip x lallaboya ra d cäep
( أيا ربي اهدده ليمنحنا الترخيص
يرخص لنا أن نغني للابويا و أن نرقص)
ويضيف الباحث: فالشاعر هنا يطالب أسد الريف أن يرخص لهم الغناء و الرقص، لكن محمد بن عبد الكريم رفض هذا الطلب مما جعل الشاعر في قبائل فلعية ينظم أبياتا أخرى في خذا الصدد يقول فيها:
أ سيذي محمد ما وار يحين ور ناش
أقا للابويا تاكاس زي ثمورث ناش "
A sidi mopupmd ma ur ipn ul nnc =
A qa lallabuya tkks zi tmurt nnc =
( يا سيدي محمد ألم يحن قلبك بعد
ففن للا بويا قد اندثر في بلادك )
[13]- دافيد مونتغومري هارت، مرجع سابق: ص 63.
[14] - فؤاد ازروال . مرجع سابق.
[15] - محمد أقضاض: إشكاليات وتجليات ثقافية بالريف، مرجع سابق، ص 33..
[16] - محمدأقضاض ومحمد الولي: ملحمة ادهار أوبران أنشودة المقاومة الريفية.مطبعة المناهل. الرباط. ط 1 . 2007. ص:5.
[17] - المهرجانات والاحتفالات الموسمية والتعبدية تنتقل في مختلف الثقافات الإنسانية من صيغتها الأولى إلى صيغة القوا لب الفنية البلاغية مع مرور الزمن: عمر أمرير: رموز الشعر الأمازيغي وتأثرها بالإسلام، مطبعة دار السلام، الرباط، المغرب، ط1، 2003، ص:76.
[18]
[19] - أوجست مولييراس : المغرب المجهول ، الجزء الأول ، اكتشاف الريف . ترجمة د. عز الدين الخطيب. منشورات تيفراز.رقم 2 .مطبعة دار النجاح الجديدة. الدار البيضاء. المغرب. 2007. ص: 113.
[20] - نفسه ، ص : 117 .
[21] - دافيد مونتغومري هارت، مرجع سابق: ص 63.
[22]- نفسه، ص : 63.
[23] - المصطفى فرحات:طقوس وعادات أهل "ابزو".منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. مطبعة المعارف الجديدة.الرباط. ط1 .2007.
ص 44 .
[24] - نفسه: ص 141.
[25] - يذكر صاحب كتاب " المغرب المجهول" أنه: " في غالب الأحيان، تقام حفلات الزواج بالخريف، عندما تكون المخازن و المطامير مليئة بالحبوب و الفواكه".أوجست مولييراس ، مرجع سابق ، ص :123.
ورغم أن حفلات الزواج قد تغيرت تماما بالريف ، وأصبحت تقام بالصيف ، فإنها تبقى مرتبطة بنجاح الموسم الزراعي وخيراته كما تؤكد الشهادة السابقة في ربطها بين حفلات ألأعراس وامتلاء المطامير بالزرع والفاكهة.


[26] - فؤاد ازروال . مرجع سابق.
[27] - يشترط في "الوزيرين" أن يكونا شابين أعزبين ومن أصدقاء أو أقارب العريس.
[28] - يشترط في الفتاتين أن تكونا أعزبتين ومن أهل العريس.
[29] - يتم إنشاد الأهزوجة باللغة الدارجة المغربية:
سبحاينو الخالق سبحاينو الرزاق
سبحاينو الباقي بعد الخلائق
ارحما يالله وارحم والدينا
هما رباونا وارضوا علينا
ارحمنا يالله وارحم جدودي
جدودي يحيى تحت اللحود
ارحمنا يالله وارحم شبابي
شبابي يفنى تحت التراب
كلام الله حقا نقول
وما محمد إلا الرسول
كلام الله حقا علينا
وما محمد إلا نبينا
كلام الله حقا محققا
وما محمد إلا المصدق.


[30] ـ الحسين القفمري ، مرجع سابق ، ص : 140

[31] - الحسين القمري: المرجع، السابق، ص 140.
32 – نفسه . ص 140.
33 –تبدأ أهزوجة التبراح بمدح العروس والدعاء له بلازمة قارة:
ذي رخضر ن خوضار
ذي رخضر ن مولاي السلطان
ذي رخضر ن رباز
....(
di rxadar n xwadar


di rxadra n mulay sslïan
di rxadr n rbaz….

تعريب تقريبي
( من أجل الفرحة
من أجل مولانا السلطان
من أجل البازي....)

[34] - أوجست مولييراس ، مرجع سابق ، ص :74 .
[35] - نفسه، ص:74.
[36] - Laoust. Le mariage chez les Berbères du Maroc. Les Archives Berbères. Publication du Comite d étude Berbères de Rabat. Volume 1. Edition frontispices.Cazablaca.2005 .p : 44.